مــشــروع بــحــثــي مــشــتــرك بــيــن جــامــعــة نــيــويــورك أبــوظــبــي ومــنــتــدى ثــروات للــشــركــات الــعــائــلــيــة

المقالات

تاريخ من الشركات العائلية

تاريخيًا، استفادت الشركات العائلية في الإمارات العربية المتحدة من الفرص الموجودة في هذا السوق النامي٬ وغامرت في قطاعات لعبت دورًا جوهريًا في تطوير الاقتصاد. ومنذ انضم هشام فاروق إلى الشركة في 1999 رأى أن الشركات العائلية الإماراتية تساهم بشكل كبير في الاقتصاد والقوة العاملة بالمنطقة.

بقلم هشام فاروق

تاريخ من الشركات العائلية 

عندما انتقل اقتصاد الإمارات العربية المتحدة من الصيد والغوص لصيد اللؤلؤ والزراعة إلى النفط٬ أصبحت الإمارات مركزًا تجاريًا وإقليميًا متنوعًا. وتحت قيادة الأب المؤسس للإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان٬ رحمه الله٬ استثمرت الإمارات العوائد التي أدرها هذا المورد الجديد في النقل والبنية التحتية الصحية وأعمال البناء والتشييد لتلبية الحاجة الملحة لبناء المدارس والطرق والمستشفيات والمطارات الدولية. في دبي٬ مهد الشيخ راشد آل مكتوم الطريق بإنشاء ميناء جبل علي ونفق الشندغة والمركز التجاري العالمي. وعلى خطى أبيه٬ استمر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تشكيل الحياة في المدينة مع النمو المطرد في مشروعاتها الإنشائية الشهيرة مما جعل الإمارات العربية المتحدة واحدة من الأسواق الناشئة الأسرع نموًا. 

بدأت معظم الشركات الأساسية في منطقة مجلس التعاون الخليجي كشركات عائلية. وتبين البحوث أن الشركات العائلية تشكل حاليًا 90٪ من القطاع الخاص.

تاريخيًا، استفادت الشركات العائلية في الإمارات العربية المتحدة من الفرص الموجودة في هذا السوق النامي، وغامرت في قطاعات لعبت دورًا جوهريًا في تطوير الاقتصاد.

هذه الشركات تقودها عادةً أسماء عائلية٬ وتأسست كشراكات بين أخوة٬ وركزت على الإمارات التي نشأت فيها٬ وتطورت على مدار عقود إلى كيانات عملاقة وتكتلات عابرة للحدود. أصبحت الشركات العائلية تسيطر على قطاع البناء والتشييد مدفوعة برؤية قيادة الإمارات العربية المتحدة٬ وأسست وكالات استنادًا إلى القوانين التي تنظم الأعمال الحصرية في الإمارات٬ وأدخلت علامات تجارية كبرى في مجالات مواد البناء والسيارات والبيع بالتجزئة.

عندما تم تأسيس شركة جرانت ثورنتون في الإمارات العربية المتحدة عام 1966 انصب تركيزنا الأساسي على دعم المرحلة التالية من التنمية في الشركات العائلية. ومنذ انضممتُ إلى الشركة في 1999 رأيت أن الشركات العائلية الإماراتية تساهم بشكل كبير في الاقتصاد والقوة العاملة بالمنطقة. وعلي مدار السنين٬ شاهدت أيضًا حكومة الإمارات العربية المتحدة تتخذ تدابيرًا فعالةً لتقديم المزيد من الدعم للشركات العائلية بما في ذلك صياغة قانون يسمح للشركات العائلية بالإدراج في أسواق المال الإماراتية. 

عندما تلتقي القيم مع الغايات 

ترسيخ القيم العائلية مسؤولية قائد كل شركة عائلية على اعتبار أن هذه القيم هي القوة الدافعة نحو الغاية المشتركة. والحفاظ على هذا التفاعل بين القيم والغايات أمر جوهري٬ لكن الخلفاء يواجهون تحديًا كبيرًا في المواءمة بين توقعاتهم في العمل والرؤية الاستراتيجية التقليدية للشركة الأساسية. 

ولتسهيل عملية الانتقال، يجب على الجيل الجديد من القادة أن يوضح توقعاته أولًا وأن يناقش الأهداف المستقبلية مع الجيل الأكبر وأن يقيم المتطلبات الضرورية لتحقيقها. 

يريد الخلفاء البناء على إنجازات أسلافهم٬ ويطمحون إلى الوصول بشركة العائلة لآفاق جديدة دون خسارة قيمها وروحها. لكن إحداث هذا التغيير قد يكون صعبًا على القادة الجدد لو ورثوا هيكلا عتيقًا يرغبون في صقله أو تطويره. 

فشلت الكثير من الشركات العائلية في القرن العشرين في تحقيق إمكانياتها بسبب انعدام المأسسة. فلضمان استمرارية مسيرة العائلة لأجيال٬ يجب على قادة الشركة أن يضعوا إطارًا فعالًا للحوكمة ويطوروا خطة متينة لانتقال القيادة من جيل لآخر ويصفوا الاستثمارات في الأصول أو الشركات غير الأساسية ويفصلوا بين الشؤون العائلية والمهنية. 

تحديات مستمرة 

نظرًا لأن معظم الشركات العائلية في الإمارات العربية المتحدة تتكون من مجموعة من الشركات العاملة في قطاعات مختلفة٬ قد يمثل عدم التركيز في قطاع معين تحديًا أمام الجيل التالي. علاوة على ذلك٬ كان على الكثير من هذه الشركات أن تتأقلم سريعًا لكي تستطيع أن تستمر في ظل تدفق الشركات الأجنبية خلال عامي 2004 و2005 الذي زاد من المنافسة. ومؤخرًا٬ واجهت الشركات عائقًا آخرًا تمثل في التعديل التشريعي الذي منع امتداد الميزات الحصرية. 

التوازن الجيلي 

تلعب الأجيال الأكبر دورًا أساسيًا في تمرير جوهر تاريخ الشركة للأجيال المتتالية من أفراد العائلة  بالإضافة إلى أهدافها وقيمها المستمرة.

ولإكمال التوازن، يمكن أن يلعب أفراد العائلة من الجيل التالي دورًا جوهريًا عن طريق توفير نظرة مستقبلية تحمل منظورات جديدة وغير مسبوقة للشركة. 

يُعرِف كل جيل الجيل الذي يليه٬ فيرث الجيل التالي الطموحات والقيم والرؤية التي تجعل انتقال الشركة من جيل لجيل أمرًا ممكنًا. لكن قادة الشركة العائلية وخلفاءهم غالبًا ما يختلفون حول ما يروه لصالح مستقبل الشركة والإدارة والموارد الموروثة والعوامل التي تؤثر على قرارات انتقال القيادة من جيل لجيل٬ وهو ما يمكن تفهمه. 

الإجبار على التغيير 

مثلت الجائحة بالنسبة للشركات العائلية حدثًا غير مسبوق دفعها لاختبار نفسها. فلكي تواجه الآثار السلبية للجائحة٬ يجب أن تغتنم المنظمات الفرص التي طرحتها. فوسط حالة التخبط العالمي٬ كان على القادة أن يتخذوا قرارات فعالة وصعبة أحيانًا للحفاظ على تواجد شركاتهم. فقاموا بإعادة تقييم استراتيجياتهم٬ وعززوا ثقافة المرونة٬ وتبنوا تدابير غير تقليدية للعمل عن بعد وتكيفوا مع التقنيات الجديدة. لقد عززت الجائحة من الرشاقة٬ فقد كانت الشركات بحاجة إلى العثور عليها والتعبير عنها بما يحقق مصلحتها لكي تنمو وتسترد وضعها. من أمثلة ذلك: قيام الشركات العاملة في قطاع البيع بالتجزئة بإنشاء منصات للتجارة الالكترونية للتكيف مع الظروف الجديدة. 

مع استمرار تطور طلبات السوق، من الضروري أن نفهم كيف تؤثر الطموحات الجديدة التي يجلبها القادة الجدد على إعادة تشكيل مستقبل الشركات في مواجهة التحديات العالمية وتزويدها بأدوات مختلفة لتقييم التغيرات والتحكم فيها وتخفيفها بدون أن تغيب القيم عن نظرهم. 

ولتجهيز الجيل التالي للانتقال في المستقبل٬ يجب أن تتعاون الأجيال من أجل نقل المعرفة والكفاءات المطلوبة لنجاح الشركة باستمرار. 

هشام مستشار مرموق لدى مكاتب الشركات العائلية في المنطقة. قدم استشاراته للعديد من التكتلات الإقليمية بخصوص خطط انتقال القيادة فيها من جيل لآخر والحوكمة واستراتيجيات النمو والتوسع (بما في ذلك الطرح للاكتتاب العام). وقد ساهم عمله مع مجموعات الشركات العائلية بشكل جوهري في التحول الاقتصادي للإمارات العربية المتحدة.

تاريخ النشر: 13-ديسمبر-2022 

نبذة عن الكاتب

هشام فاروق، المدير التنفيذي لشركة جرانت ثورنتون

يملك هشام فاروق، المدير التنفيذي لشركة جرانت ثورنتون، خبرة تزيد عن عشرين سنة في تولي المهام الاستشارية لبعض الشركات الكبرى في المنطقة. كما قاد مكاتب الشركة في دبي وأبوظبي والشارقة لأكثر من عشر سنوات. يعد هشام واحد من أكثر المستشارين للشركات العائلية رواجاً في المنطقة. قدم فاروق خدمات استشارية للعديد من الشركات الكبرى في المنطقة فيما يتعلق بوضع خطط للخلافة أو التعاقب الوظيفي، واستراتيجية الشركة للتوسع وإدارتها ونموها (بما في ذلك الاكتتاب العام IPO). كان لأعمال فاروق وجهوده مع الشركات العائلية دوراً بالغ الأهمية في التحول والتطور الاقتصادي الذي شهدته دولة الإمارات.